الأحد، 28 أبريل 2013
3:34 ص

رسالة خاصة إلى الفتاة الجامعيَّة


الحمد لله ربّ العالمين، أحمده تعالى وأشكره شكراً يليق به عزَّ وجل، وأُصلّي وأُسلّم على رسول البشريَّة محمد بن عبد الله هادي البريَّة للحريَّة ومخرجهم من ظلمات العبوديَّة للجاهليَّة، وأترضى على صحابة رسول الله رضاً تاماً أبدياً سرمدياً، وأُوالي وأتولَّى آل بيته الطيبين الطاهرين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمداً رسول الله أمَّا بعد:

في البداية أطلب من أختي الفتاة الجامعيَّة أن تقرأ هذه الرسالة القلبيَّة وهي خالية من الأشغال، متخفِّفة من الواجبات اليوميَّة والأعباء الحياتيَّة، فإنِّي سأحدِّثها بحديث من القلب إلى القلب، وقد يطول حديثي قليلاً وأتمنَّى أن تبقي معي، ولذلك أرجو أن تكوني قد أعطيتِ هذه الرسالة حقَّها من التأمّل والتدبّر، وأرعيتِ لي السمع، فإنَّ الحديث بإذن الله تعالى حديث مع القلب، ومحاورة مع الروح، ومطارحة للرأي والفِكرَة، ولأجل ذلك أرغب أن تكون النفسيَّة مهيَّأة لذلك، فإن كنتِ أيَّتها الأخت الجامعيَّة متعبة فلعلَّكِ تؤجِّلي مطالعة هذه الرسالة الخاصة إلى وقتٍ لاحق ريثما تستعيدي قوَّتكِ وتخلو من أشغالكِ.

وإن كنتِ خالية من الأشغال، فتعالي بنا نبحر معكِ في هذه الرسالة، وحيَّ هلاً بكِ، سائلاً المولى تعالى أن يرعاكِ، ويتولاَّكِ..

يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33].

في هذه الآية يأمر الله تعالى نساء المؤمنين من الصحابيات الفضليات بالقعود في البيت وعدم الخروج منه إلاَّ لضرورة أو حاجة ماسَّة، وكان هذا الأمر الإلهي للنساء للصحابيات اللواتي كنَّ في عصر الرعيل الأول من سطوع شمس الرسالة المحمديَّة على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام وتحيَّة، فما البال بمن جاء بعدهنَّ من النساء المسلمات!!

ثمَّ نهى الله تعالى نساء المؤمنين عن التبرُّج، والنهي هنا يَعمّ نساء المسلمين وبناتهم في كل زمان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فقال تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ} فنهى الله تعالى عن تشبه نساء المؤمنين وبناتهم بتبرُّج الجاهلية الأولى، وحينما كان يفسر الإمام ابن كثير رحمه الله هذه الآية في تفسيره قال عن تبرُّج الجاهليّة: "كانت المرأة تمشي بين الرجال"، وقال قتادة: "كان لهنّ مشية وتكسُّر وتغنّج، فنهى الله عن ذلك...".

وذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه (زاد المسير) عن مُقَاتِل: "أنَّ المرأة في الجاهلية كانت تمشي مشية فيها تكسُّر وتغنّج، وكانت تتخذ الدِّرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره"، "قاله الكلبي"، وكانت تلبس الثياب لا تواري جسدها، "قاله الفراء". كان ذلك تبرج الجاهلية الأولى!!، فهل هنالك وجه شبه بين تبرُّج الجاهلية الأولى وبين تبرُّج الجاهلية الحديثة في القرن الحادي والعشرين؟!

أدع الجواب لعقل القارئة لكي تفكِّر في ذلك بعين البصر والبصيرة..!!

فتيات المسلمين في الجامعات إلى أين؟

الإسلام دين الوسط والوسطيَّة، فهو لا يمنع المرأة من الخروج من بيتها للدراسة باحتشام، أو لعمل مشروع بعفَّة وأمان وانتظام دون اختلاط، أو لتسوُّق مع كامل الحجاب الشرعي السابغ.

لكنَّنا نرى حالة يُرثى لها، ووضعاً نُسخِط به ربَّنا، ونُرضِي به عدونا، في أغلب جامعاتنا العربيَّة؛ فلباس ضيّق، وزينة ومكياج، وعطور نفَّاذة، وتبرُّج وسفور، وتَكَسُّر في المشية، والترقُّق في الكلام مع الشباب، والجرأة المفرطة في الضحك والتمايل، وكذلك التساهل في حدود العلاقة بينهنَّ وبين دكاترة الجامعة، وكأنَّ دكتور الجامعة ليس رجلاً غريباً عنهنَّ!!

ونُضيف على ذلك فيما يجري في جامعاتنا العربية: رقص بعض الفتيات في ساحات الجامعات على أنغام الموسيقى، والانسداح أو الانطراح نوماً في الساحات العامة، وقد يكون ذلك بصحبة رفيقها!!، ولا نرى وللأسف -في الغالب- من إدارة الجامعة ردعاً أو زجراً؟!!

عدا عن ذلك ظاهرة (حجاب الموضة) أو (الحجاب العصري) الذي يَشيع بكثرة في صفوف الفتيات، وقد يكون فيه من الزينة والجاذبيَّة أضعاف الزينة التي تظهر بها المرأة الحاسرة عن شعر رأسها، فخمار الرأس مزركش ملوَّن، ويلبسنه الفتيات على الأقمصة و(التونيك) والبناطيل الضيقة والتي تصف حجم أعضائهنَّ، وتُبرِز مفاتنهنَّ، مع شيء من الكحل والمكياج!!

فأي حجاب هذا؟ وأي تستُّر يراد من خلاله؟!

هل هذا هو الجيل الذي يطمح العدو الغربي وأدعياء تحرير المرأة، لكي ينشأ في بلاد المسلمين، حيث لا همَّ لهم إلا التفكير في الغزل والحب والغرام، والتبرُّج والسفور، وظاهرة الإعجاب بين الشباب والفتيات، وإرسال الرسائل السيئة والمتبادلة عبر الجوالات من خلال تقنية البلوتوث أو الكتابات الهابطة على بعض الجدران، أو القعود في ساحات الحب والعشق والهيام؟!

فهل هذا الجيل هو الجيل القادر على الانتصار لعقيدة الإسلام؟!

أم هذا الجيل هو القادر على أن ينال الشهادات العليا في التقنية والإبداع والابتكار لخدمة الأُمَّة المسلمة؟!

أم أنَّ هذا الجيل هو الجيل المحصَّن من السقوط في شبكات الإسقاط والخيانة والتي لا يستغرب مطلقاً وجود بعضها في الجامعات بُغيَة إسقاط الفتيات والشباب؟!

وهل سيأخذ هذا الجيل على عاتقه نشر القِيَم والفضيلة، ومكافحة الفساد والرذيلة، من خلال ممارساته التي تدل على أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ولن يعطيه!!

فنساء كاسيات عاريات *** وأشباه رجال كالرخم!
وشباب مائع مستخنث *** لو رأى طيف خيال لانهزم!
ليت شعري هل سيحمون حمى *** أو يردَّون إذا الحرب التحم!

ودور الرقيب قد غاب!! كم من مآسٍ تجرُّ الحتوف في هذه الجامعات وللأسف، وخصوصاً حينما يغيب الرقيب.فالرقيب السياسي غائب عن ذلك، أو متغافل لما يجري، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فهل هو راضٍ به؟!

والرقيب الإداري في الجامعة في الغالب راتع في صومعته الخاصَّة به وكأنَّ لباس الفتيات وتبرجهنَّ وسفورهنَّ بالجامعة سيُعطي نتائج عالية في درجة الامتياز...!!

والرقيب الأسرى غائب، ويلهث وراء لقمة العيش لكي يُؤمّن سكناً لابنته، أو مصروفاً تغدو به وتروح من بيتها إلى الجامعة، دون متابعة الأب أو ولي الأمر لدورها ومكان سكنها وذهابها وإيابها!!

فمع غياب الرقيب السياسي، والرقيب الإداري الجامعي، والرقيب الأسري، وبسبب الحالة المتفشيَّة بانتشار الفساد الأخلاقي في الجامعات، يزداد التبرُّج والسفور واللباس الفاضح من فتيات المسلمين الجامعيات.

إنَّ من المعلوم أنَّ من طريق تحرير الأمَّة الإسلامية نحو العِزّ والتمكين، ضرورة الأخذ بعين الانتباه والعمل على إعمال سنن الله في تحقيق النصر ومنها تحرير المرأة...

نعم تحرير المرأة!! أعني على مُراد ربّ العالمين لا على مفهوم قاسم أمين وشلَّة الليبراليين والعصرانيين!!والذين لا يرون أيَّة مشكلة في تسهيل بعض أوجه الفساد، عبر طرق الإغراء وفسح المجال حتَّى للإعلانات التجاريَّة الفاسدة في الشوارع عبر (اللافتات) أوالإعلانات الكثيرة والتي يبدو فيها جسد المرأة شبه عارٍ؛ لكي تتعلَّم نساء المسلمين على مثل هذه الألبسة الفاضحة التي ما كانت ديدن المسلمات، ولا هي بأخلاق فتيات المسلمين.

ولا استغربٍ أبداً أن تكون هذه خطَّة مبيَّتة من بعض الدول؛ لإفساد شباب الإسلام وفتياته في الجامعات، لكي يخلو لهم الأمر ويكون حالهم كما قيل:


خلا لك الجو فبيضي واصفري *** ونقِّري ما شئت أن تنقري

التبرُّج العاري... والتقليد الغاوي... وتحذيرات الهدي النبوي:

يقول المفكر الجزائري المسلم مالك بن نبي: "إنَّ قبل قصَّة كل استعمار، هناك قصَّة شعب خفيف يقبل الاستخذاء!!".

إنَّ تتبُّع كثير من فتيات المسلمين لجديد الموضة، وحديث الألبسة الجديدة النازلة في السوق، والأصباغ والأردية الغربيَّة والتي قد تخرج ببعضها في وضح النهار أمام الرجال، يُنبِئُنا كذلك بخطر الاندماج في هذه الألبسة الضيقة والتي قد تخجل المرأة الصالحة في وقت خطبتها وبعد كتابة العقد عليها من أن تظهر بمثلها في البداية أمام زوجها لعفَّتها وديانتها، فما بالنا نجد الألبسة الضيقة التي نستغرب من حال الفتيات حينما يلبسنها بهذا الشكل الفاضح أمام الرجال، ولا ندري كذلك كيف يمكن أن تدخل هذه الألبسة الضيقة في أرجلهنَّ وأفخاذهنَّ؟!!

ألا يتذكَّرن قول الصادق المصدوق صلَّى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» (أخرجه الإمام مسلم في صحيحه).

وبتأمُّل يسير في الحديث نجد فيه تبياناً وتحذيراً لكل امرأة سافرة متبرِّجة بأنَّها مُتَوعَّدة بالنار، وأنَّ سبب دخولهنَّ النار أنَّهن:

- مائلات في مشيتهنَّ زائغات عن طاعة ربِّهنَّ قلوبهنَّ ميَّالة إلى الرجال لفتنتهم.

- مُمِيلات لأكتافهنَّ، ويُعلِّمن غيرهنَّ فعلهنَّ المذموم بتبرُّجهنَّ، ومُمِيلات للرجال بما يُبدِين من زينتهنَّ.

- ويلبسن أكسية رقيقة شفَّافة ضيِّقة فهي في الحقيقة أكسية عارية، وكذلك يكشفن عن شعر رؤوسهنَّ حيث يجمعن هذا الشعر ويركمنه فوق بعض، وأكَّد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم على أنَّهن قد اقترفن إثماً مُبيناً بأنَّهن كذلك لا يدخلن الجنَّة ولا يجدن ريحها، فمجرّد شمَّ رائحة الجنَّة لن تصل إلى أنوفِهِنَّ.

- ولو تأمّلت في أحاديث الوعيد، فإمَّا أن نجد فيها الوعيد بدخول النار، أو الوعيد بعدم دخول الجنَّة، أمَّا في هذا الحديث فإنَّ فيه الوعيد بدخول النار، والتحذير بعد دخول الجنة بل عدم التشرُّف بشمِّ رائحتها، فإن استحلَّت ذلك المرأة بتبرُّجها ورأته حلالاً، فهنَّ كافرات إذا مِتنَ على ذلك، وإن لبسن ذلك مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من الكبائر، ما يدل على خطر هذه الكبيرة من كبائر الذنوب، والتي نسأل الله تعالى أن تتنبَّه لها فتيات الإسلام وينجيهنَّ من نار جهنم... آمين.

كم من فتيات يأتين من بيوتهنَّ أو قراهنَّ أو مدنهنَّ الأخرى إلى الجامعة، فيدخلن دورات المياه، فينزعنَّ جلابيبهنَّ وحجبهنَّ، ثم يضعنها في شنطهنَّ، عدا ما قد تقوم به بعض الفتيات من التدخين في دورات المياة، وبعدئذِ تخرج المرأة متمكيجة متعطِّرة متكحِّلة مائلة مميلة، وهي غافلة عن ذلك الوعيد الذي يتهددها من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: «أيّما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سِتر ما بينها وبين الله» (أخرجه ابن ماجة بسند صحيح).

لقد كان يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لأن أُزاحم جملاً قد طلي قَطِرَانَاً أحب إلي من أن أزاحم امرأة متعطرة" (أخرجه الإمام عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه).

ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه، أنَّ مزاحمته لجمل قد طُلِيَ سواداً مع رائحة كريهة تنبعث منه -كالكاز الأسود-، أحبُّ إليه من أن يُزاحم النساء المتعطِّرات اللواتي يُثِرنَ الرجل برائحة عطرهنَّ، وهذا الكلام صادر من صحابي جليل، فما البال يا أيتها الفتيات المتبرجات بشباب اليوم، وحالة ضعف الإيمان التي يشكو منها الكثير، ثمَّ يُفتنون برائحة العطر النفَّاذة حينما تمررن عليهم، فكيف نكون عوناً لهم على ما لا يُرضي الله تعالى، ألا تخشين من أن ينالكنَّ نصيب من الإثم في ذلك؟!

ومن العجائب -والعجائب جمَّة في الكثير من جامعاتنا العربية-، أن نجد الفتاة الجامعية تمشي في نصف الطريق وكأنَّها ملاكمةُ في حلبة مصارعة، فشيمة الخجل والحياء والسكينة والوقار منزوعة عن كثير منهنَّ، وبدلاً من أن تكون الفتاة ماشية على جنبتي الطريق لكي تأخذ راحتها في المشي ولكي لا تؤذي نفسها بمرور بعض شباب السوء عليها... بالعكس تأخذ هي نصف الطريق وتمشي وسطه، وينقلب الحال فيكون بعض الشباب الصالح يأخذ حواف الطريق لكي لا يصطدم بالرتل النسائي في الجامعات، فتنقلب الموازين وتتبدَّل المفاهيم!!!

لكن أين فتيات الجامعة عن نساء الصحابة، اللواتي كنَّ غاية في الأدب والحشمة والحياء، وغاية في الانصياع الكامل لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!

فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم للنساء: «استأخرنَّ، فإنَّه ليس لكنَّ أن تحققن الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق»، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتَّى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به! (أخرجه أبو داود وقال ابن حجر: حسن الإسناد).

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك: هل كل فتيات الجامعة هكذا؟!

معاذ الله، وحاشا لله، ففيهنَّ النساء الأديبات الخلوقات المتدينات، والتي تستحيي أي فتاة منسوبة لهنَّ من كل ما يقترفنه تلك الفتيات المتبرجات، أدباً وطاعة لله، بل تستحيي أن تتحدث مع الشاب، وتلوح حمرة الخجل في وجنتيها وخدِّها إن حصل ذلك اضطراراً، بيدَ أن هؤلاء في أغلب أو جلِّ جامعاتنا بتن شيئاً قليلاً وللأسف، وسأُخصِّص لهنَّ في هذه الرسالة حديثاً خاصاً بإذن الله تعالى...

حديث من القلب إلى القلب إلى الأخت المتبرجة:

أبتدئ بقصة ذكرها الشيخ "علي الطنطاوي" رحمه الله حيث قال : "رأيتُ في (بروكسل) عند ملتقى طريقين، وقد فُتح الطريق للمارة، عجوزاً لا تحملها ساقها، تضطرب من الكِبَر أعضاؤها، تريد أن تجتاز والسيارات من حولها تكاد "تدعسها" ولا يمسك أحد بيدها، فقلتُ لمن كان معي من الشباب: ليذهب أحدكم فليساعدها، وكان معنا الصديق الأستاذ "نديم ظبيان"، وهو مُقيم في بروكسل منذ أكثر من أربعين سنة، فقال لي: أتدري أنَّ هذه العجوز جميلة البلد، وفتنة الناس، وكان الرجال يلقون بقلوبهم وما في جيوبهم على قدميها ليفوزوا بنظرة أو لمسة منها؟! فلما ذهب شبابها وزوى جمالها، لم تعد تجد من يُمسِك بيدها!!".

وفي يوم من الأيام، وقبل مدَّة من الزمان، كتب الأديب الأريب مصطفى صادق الرافعي في كتابه (وحي القلم، [1/117]) قائلاً: "شرف المرأة رأس مال المرأة!!، فمن أضاعت شرفها أضاعت رأس مالها"، وإنَّ من تضييع الشرف أن تقوم المرأة والفتاة الجامعيَّة بحجَّة الحريَّة لكي تلبس ما شاءت من الملابس الفاضحة أو الضيقة.. ظانَّة أنَّها حينما تبدي زينتها وجمالها وتخرج بكامل (الموضة) أو (التقليعات الجديدة)؛ فكأنَّها قامت بنصر تاريخي للحريَّة والإبداع"!!!

أرجوكِ يا أختاه أن تسمعيني بقلبكِ وقالبكِ...

أتمنَّى عليكِ أن ترعي لكلامي الاهتمام، وأن تعيه وعياً كاملاً، فمن أحبكِ في الحقيقة نهاكِ، ومن أبغضكِ أغراكِ، وإنَّا لا نرجو خلف هذه النصحية إلاَّ أن تكوني بنتاً وفتاة يُضرب بها المثل في العفة والحياء، والتقدُّم والرُّقي، وأن تكوني بالفعل امرأة عصريَّة شرط اتباع سنَّة خير البريَّة صلى الله عليه وسلم:


فمهلاً يا ابنة الاسلام مهلاً *** رويدك واسمعي للناصحينا
فيا أختاه هذا النصح مني *** ألا يا حُرة هل تسمعينا؟!

سأحدِّثكِ حديثاً لا يعرف الأغاليط....

ولكن قبل ذلك أود أن أضع بين يديكِ استطلاعاً أجرته منظمة العفو الدولية في لندن، وشمل نحو 1000 رجل وامرأة، حيث كانت النتيجة أن السبب الأساسي لجرائم الاغتصاب التي يشهدها الشارع البريطاني، تعود لـ"عبث المرأة" و"لباسها الفاضح"، لتتحمّل، بذلك، مسؤولية تعرضها للاعتداء!!

وقد تفاجأ المشاركون في الاستطلاع بأن معظم جرائم الاغتصاب لا تتم من قبل غرباء كما كانوا يعتقدون، حيث تظهر الوقائع أن 80% من هذه الاعتداءات تحدث من قبل أصدقاء، أو أشخاص معروفين من قبل الضحايا!!

ومن النتائج التي خلص إليها الاستطلاع، اعتبار 30 % أن العديد من النساء يتحمّلن مسؤولية تعرضهن للاغتصاب لأسباب عدة منها اللباس الفاضح والمظهر المثير!!

ومن هنا أتحدث إليكِ يا أختاه.. فلتسألي نفسكِ بصراحة وصدق ومسؤولية:

- لماذا خرجتِ بهذه الألبسة المتبرجة والمزيَّنة؟

- هل خرجتِ لأجل رضا الله تعالى؟

- أو خرجتِ لأجل أن يراكِ الشباب فيعجبوا بكِ؟

فإن قلتِ: لا، لا ألبس هذه الألبسة لذلك فإنَّ هذا اتهام باطل من قائله، وإنَّما أخرج بتلك الملابس لأني أحب الموضة والأزياء الجديدة، ولأنَّ الله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده!!

فأقول لكِ: إننا نعلم أنَّ بعضاً من النساء بسبب التربية التي تربَّين عليها لا يقصدن لبس ذلك اللباس الضيّق أو السافر المتبرِّج...

ولكن!!... استدلالكِ بأنَّ الله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده في هذا السياق غير صحيح، وذلك لأنَّ الله يحب ذلك حينما تكون المرأة تلبس الملابس الجميلة والأزياء الأنيقة دون أي خلل شرعي فيها أمام محارمها من الرجال أو بنات جنسها من النساء، أمَّا أن يكون ذلك على وجه الإطلاق فلا، فخروج المرأة من بيتها متبرِّجة متزيّنة مؤذن بخراب كثير من شباب المسلمين وفتنتهم، والمرأة في ذلك هي السبب، ثمَّ إن من أرادت أن تستدل بآية أو حديث فيجب عليها أن تؤمن بالقرآن كلِّه والسنَّة الصحيحة أجمعها، وليس بأن تستدل بما يوافق هواها.

ثمَّ لو خرجت المرأة بزينتها ولم يكن لديها قصد سيء، فإنَّ الشيطان يستشرفها، كما أخبر بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام القائل: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان» (أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. وحسَّنه ابن حجر).

ومعنى استشرفها الشيطان كما ذكر العلماء، أي : يُزَيِّنها في نظر الرجال، ويقوم الشيطان اللعين وينصبهن شبكة يصيد بها الرجال فيُغريهم ليُوقعهم في الزنا، ويحاول أن يقرقر في أذنها ويوسوس في خلجات صدرها أنَّ فلاناً يراكِ بهذا اللباس الجميل الفاتن، وقد يعجب بكِ وهكذا، أو يريد بالشيطان: شيطان الإنس من أهل الفسق، سمّاه به على التشبه، كما قال المُنَاوِي رحمه الله.

فكيف إذا علمنا أنَّ كثيراً من الفتيات اليوم وبشهادتهنَّ أنفسهنَّ لهنَّ مقاصد غير محمودة في هذا اللباس الفاضح الضيق والشفَّاف! بل خروجهنَّ بهذه الملابس للفت الأنظار، وتفتيح الأبصار على جمالهنَّ..

وبعد ذلك فلنفترض أنَّ الشباب أعجبوا بكِ، فما المآل إذاً؟!

هل تريدين أن تقعي في شِبَاكِهِ فتكوني أسيرة لديه؟!

أو تريدين أن يقوم الشاب ويتحرِّش بكِ جنسياً؟!

أو تريدين أن تكوني مادة يتحدّث بها الرجال عن جمالها وقد يكتبون اسمها ويعرِّضُون بشرفها في بعض كتاباتهم على الجدران أو رسائل الجوال أو الإيميلات!!

وإن كُنتِ تقولين: لا، لا ألبس هذه الألبسة لذلك فإنَّ هذا اتهام باطل من قائله!

فأعود وأتحدث بصيغة الجمع...:

وإلاَّ فَلِمَ يلبسن هذا اللبس ويفتنَّ به أعين الشباب العزَّاب المساكين؟!!

ففتاة تلبس الملابس الضيقة وتضع الرائحة العطرة الجذّابة، وتتغنّج في كلامها، وتتمايل في مشيتها، وتتزيّن بلباسها، هل تريد أن ينظر إليها الشباب على أنّها امرأة صالحة كالمرأة المحجَّبة حجاباً كاملاً بتدين وعقيدة وليس لبسه عندهنَّ لمجرد عادات وتقاليد؛ لو فسح لهنَّ الأمر كذلك لخلعت الحجاب كذلك وقد حصل وللأسف!!

إنَّ المرأة المتبرِّجةَّ في لباسها سواءً شعرت بذلك أو لم تشعر وقصدت أم لم تقصد لن تنتظر إلاَّ المعاكسين من الشباب الذئاب الذين يتحينون فرصة الإيقاع بها والذين سيجنون عليها ويقضون وطرهم منها ثمَّ يرمونها إلى حيث العار والشنار.... وماذا بعد ذلك؟!!

إنَّ هؤلاء الشباب سينظرون إليها على أنَّها فتاة قليلة الأدب والحياء!! حتَّى لو لم يكن من ذلك زنا! بل لمجرد صداقتهنَّ وكشف بعض اللباس عن جسدهنَّ وتغنُّجهن أمام الشباب وما يهذين به من حديث سيء، سيسقطهن أمام أعين الشباب...

وإني لأُجزم أنَّ نسبة 99% من الشباب لو قيل لهم ألا تتزوج حبيبتك تلك أو صديقتك الفلانية التي خرجت معك لقالوا: لا، لن نتزوجهنَّ...!!

فنقول للشباب: ولماذا؟

فيجيبون: لن نتزوج إلاَّ المرأة الخلوقة العفيفة المتدينة والتي تحفظنا إن غبنا عنها، لأنَ هذه الفتاة التي خلت بي قد تكون عاشرت أو ضاحكت وخلت بأحد كان قبلي أو بعدي ما لا يعلمه إلا الله، ولأنَّ هذه الطريقة في العلاقة ليست هي الطريقة الصحيحة للزواج!!

وما أصعبها كذلك إن حصل بين تلك الفتاة وذلك الشاب خلوة غير شرعية، وحصل كذلك من التعري الكامل والأنفاس الشيطانيَّة.... فماذا هو كائن بعد ذلك؟ إنَّ هذا الذئب الشاب سينظر إلى فتاته تلك -بعد خداعه لها بمعسول كلامه- وقد ضاع شرفها وحياؤها بازدراء، لتبوء بعدئذٍ بضحكاته المتعالية عليها، محتقراً آدميتها... ثمَّ قد يفضح أمر هذه الفتاة، أو يَشيع خبرها في الجامعة بين الشباب وبين سكَّان قريتها أو مدينتها، وقد تكون فعلت أفعالاً لا تليق، فتبوء بالفشل في الحياة الاجتماعية والزوجيَّة، وتتحطم الحياة أمامها....

هذا إذا كان من قام بالتحرُّش بها شاباً ليست لديه مآرب سيئة...

فما البال إذا كانت لديه نوايا خبيثة بابتزاز الفتاة بعد تصويرها بصور فاضحة يجعل الفتاة تتجرَّع غصص العذابات وتكتوي بألم نار الشهوة التي جنت عليها وجذبتها إليه، ثمَّ تخلَّى عنها بل بات يبتزَّها لكي تبقى في حلقة الفساد وحمأة الرذيلة، فلا تتوب ولا تؤوب، وتبقى أسيرة له إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً...

وبالفعل فإنَّ كل نوائب الأسرة قد يسترها البيت إلاَّ عار المرأة كما يقول الأديب الرافعي!

فماذا نقول بعدئذ لمثل هؤلاء الفتيات المسكينات إلاَّ: على نفسها جنت براقش!!

كم دعا الناصحون من أهل العلم والدين والفضل والصلاح في الجامعة بأن تلبس المرأة اللباس الشرعي الكامل، وبألاَّ تنخدع بكلام الشباب ومعسول قولهم، وبألاَّ تتخذ الجامعة مكاناً للصداقة بل مكاناً لطلب العلم والمعرفة.

فلقد امتدح الله تعالى النساء الصالحات بقوله: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25]، وذلك يعني ألاَّ تتخذ أصدقاء لها من الشباب والرجال، فهي صفة للمرأة الفاسقة، والتي لا تأبه لكلام ربِّها تعالى ولا ترعوي حينما تسمع مثل هذا النهي لها عن مصادقة الشباب!

وكم ضحكت بعض الفتيات على هؤلاء واتهمنهنَّ بالتنطع والتزمت والرجعية والتخلف، ولكن بعد أن يقع الفأس بالرأس يتذكرن صدق نصح الناصحين:


بذلتهمو نصحي بمنعرج اللوى *** فلم يستبينوا النصح إلاَّ ضحى الغد

إنَّ خير وسيلة يا فتيات الجامعة للتعامل مع شباب الجامعة، الإعراض التام عنهم، وعدم محادثتهم، وإن اضطررتنَّ للحديث معهم فبكل أدب ووقار وحشمة وبالقدر المطلوب، فلستنَّ أفضل من نساء الصحابة اللواتي أرشدهنَّ الرب تبارك وتعالى قائلاً:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}، ومعنى ذلك إن اتقيتن ربكن وقمتن بأوامره وأردتن رضاه فيرشدكن تعالى قائلاً: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، وهذا دليل على أن حديثكنَّ مع الرجال لا بدَّ أن يكون بحزم ووضوح، ومن وراء حجاب؛ لكي يكون ذلك وقاية لكنّ من المعاصي ومقدِّمات الفاحشة ، فحديثكنَّ بالأدب والحياء وليس حديثاً متميعاً رقيقاً وكأنَّكن تدعون الشباب لأن يقولوا لكنَّ ما لا تحمد عقباه!

يا فتاة الجامعة: خدعوكِ فقالوا حريَّة وتقدميَّة:

ألّف أحد المفكرين العالميين وهو "بليرداجو" -رئيس مدرسة التحليل النفسي العلمي، ومقرها سويسرا- كتاباً اسمه
(المرأة: بحث في سيكولوجيا الأعماق)، وذكر في هذا الكتاب أنَّ أهم خدعة خُدِعَت بها المرأة في هذا العصر هي التحرُّر والحرية، وفي الواقع أنَّ المرأة، ولو علت وادُّعي أنَّها متحرّرة وتُمارس شؤونها بنفسها فليست إلاَّ أنَّها سقطت أكثر في عبودية الرجل!!

يا أخت الإسلام:

إنَّ أعظم ما خدعكِ به أعداء الإسلام من دعاة تحرير المرأة، وأولى بهم أن يسمَّوا: دعاة تجرير المرأة المسلمة إلى الهاوية، أن قالوا لكِ:

إنَّ ما تقومين به من لبس الحجاب الشرعي الكامل الساتر لجسدكِ تنطع وغلو!!

وإنَّ ما تقومين به من لبس النقاب رجعيَّة وتخلُّف!!

وإنَّ جلوسكِ مع فتيات الجامعة فحسب مجرّد وساوس، فما الفرق بين الشبان والفتيات!!

وإنَّ وقاركِ وسمتكِ وأدبكِ وحياءكِ وحشمتكِ دليل على بعض العقد النفسيَّة التي تُعاني منها المرأة الصالحة!!

وإنَّ مطالبتكِ بالدارسة في جامعات أو قاعات غير مختلطة تزمُّت وتشدّد، وكأنَّكِ غير واثقة من نفسكِ!!

وهنالك الكثير من الفتيات من يرددن هذا الكلام، ويستمعن إلى أربابه ومناصريه، وكأنَّ لسان حالهم يقول:


قالت: أنا بالنَّفسِ واثقةٌ *** حرِّيتي دون الهوى سَدُّ
فأجبتُها والحزن يعصفُ بي: *** أخشى بأنْ يتناثر العقدُ

ضدَّان يا أختاه ما اجتمعا *** دينُ الهدى والفسقُ والصَّدُّ
والله ما أَزْرَى بأمَّتنَا *** إلا ازدواجٌ ما لَهُ حدُّ

هو يا أختاه كلام لأهل المجون والتحرر من ربقة الإسلام...

كلام لا أشبهه إلا بما قاله الله تبارك وتعالى:{زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[الأنعام من الآية:112]، فهؤلاء ليس لهم قصد إلاَّ جر المرأة في أسفل سافلين؛ لكي ينزعوا عنها حشمتها ووقارها، وأدبها وحياءها!!

ومن طريقتهم نعرفهم؛ فإنَّا نرى العجب العجاب في تعرية الفتاة، فلربما نراهم يعلنون عن (عَجَلِ) سيارة، ويضعون أفخاذ الفتاة مكشوفة داخل (العَجَل)، ويعلنون عن اتصالات هاتفية ونراهم يدخلون صورة الفتاة الجميلة الكحيلة، وفي كل شيء تظهر المرأة بطريقة تشي وتشعر الآخرين أنَّ هنالك وراء الأكمة ما وراءها بعملية التعرية لصورة المرأة وكأنَّها سلعة يتاجر بها دون أي احترام أو تقدير. فأي حريَّة وأي حضارة وأي تقدم وأي رقي لأدعياء تحرير المرأة ؟!!

إنَّ هذا ليس إلاَّ هبوطاً أخلاقياً، وسفالاً روحياً، بل هي رجعية وتخلف، فنجد دعاة تحرير المرأة والمنخدعين بها من الرجال والناعقات بها من النساء لا يرسِّخون إلاَّ الرجعية السابقة أيام الجاهليَّة، والتي تدعو للرذيلة وعدم الطُّهر وإظهار النساء بمظهر العري والفحش.

لقد كانت الجاهليَّة القديمة أعقل حيث كانت المرأة البغي حين تريد الذهاب للحج، وتُغطي عورتها بيدها وتقول:


اليومَ يَبدو بعضُه أو كلُّه *** وما بَدا منهُ (فلا) أُحلُّهُ

وأمَّا هؤلاء التحرُّريُّون فإنَّ المرأة عندهم كائن مستخف به، فتُعْرَض في دور البغاء، وفي المسلسلات العارية، وكأنَّ حال تلكم النساء العاريات تقول:


اليومَ يَبدو بعضُه  أو  كلُّه *** وما بَدا منهُ (فإني) أُحلُّهُ!!

حتَّى لو ذهبت الفتاة التي عصت ربَّها وأرادت أن تذهب لحج أو عمرة لتُكَفِّر بها عن خطاياها، للمزوها واستهزؤوا بها، وقالوا ألا تذكرين معاصيكِ وما اقترفتيه سابقاً، وكيف تريدين أن تكون امرأة طاهرة وقد كنتِ تفعلين كذا وكذا من أنواع الفحش!

وهكذا دعاة تحرير المرأة فإنَّهم لا يريدون للإنسانيَّة إلاَّ أن تنحرف عن مسار ربِّها، ودينها وشريعتها، وتتحرّر من القيود الفكرية!!

إنَّها حريَّة (جون لوك) تلك الحريَّة المنفرطة عن القِيَم والمبادئ!!

ولهذا نجد الله تبارك وتعالى يُبَيِّنُ حال هؤلاء الذين يريدون للفتاة المسلمة والشباب المسلم أنة ينغمس في شهواته دون رادع أو مانع أو رقابة لله تعالى، فيقول سبحانه: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].

أليس هذا قمَّة التخلُّف والرجوع لقرون العصور الكهفيَّة الظلاميَّة التي لم تكن تعبأ بانتشار الرذيلة، بل تحارب من يحاربها، كما هو حال القوم العلمانيين في هذه الأزمان المتحضِّرة! وهذا رجوع إلى الوراء؛ لأن العري بأنواعه كان من مظاهر التخلف الإنساني في العصور القديمة، فما أشبه الليلة بالبارحة!! ثمَّ بعد ذلك يأتون وينقنقون قائلين: إنَّ المرأة الملتزمة بدينها رجعيَّةّ!!

ويحهم! ما دروا أنَّ أولئك الذين ينبئونها بالسفور والتبرج أنَّهم يعيدونها إلى ما كانت عليه المرأة في العصر الحجري الصخري الجاهلي بما كانت عليه من التفسخ والمجون والانحلال، فحقَّ لنا أن نقول كذلك: "رمتني بدائها وانسلت"!!

مفهوم الحجاب الشرعي:

الكثيرات من النسوة يلبسن حجاباً، ولكنَّ أكثرهنَّ لم يلبسن الحجاب الشرعي الكامل، فحجابهنَّ بحاجة إلى حجاب!!

إنَّ الحجاب الشرعي يا فتاة الإسلام مفهومه أن تبعدي عنكِ الأبصار التي لا تغض بصرها عن جسدكِ، فليس الحجاب لأن تكون المرأة جذَّابة بحجابها فتَّانة بلباسها، مزكشة جلبابها، فإنَّ هذا أبعد ما يكون عن الحجاب!! لأجل ذلك فقد اشترط العلماء رحمهم الله تعالى للبس الحجاب شروطاً لا يكتمل الحجاب إلاَّ باكتمالها، وكلُّ هذه الشروط عليها أدلَّة شرعية، فليست هي من بنات أفكارهم كما يقال! بل مبنيَّة على أصول شرعيَّة مستمدَّة من الكتاب والسنَّة النبويَّة المطهَّرة، سأجملها في هذا المقام مع الاقتصار على بعض الأدلة الشرعيَّة الدالَّة على ذلك الشرط، وهي على النحو الآتي:

1) أن يكون الحجاب ساتراً للجسد ومغطياً له:

فالله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:59].

في هذه الآية يأمر الله تعالى جميع النساء المسلمات بالحجاب الشرعي الكامل، حتَّى إذا لبسنه كان ذلك الحجاب صيانة لهنَّ، فيما إذا لم يلبسوه لحصل عليهنَّ نوع من الإيذاء وذلك لأنَّهن إذا: "لم يحتجبن ربما ظنَّ أنَّهن غير عفيفات، فيتعرض لهنَّ من في قلبه مرض فيؤذيهنَّ" (ما بين القوسين من كلام الشيخ المفسٍّر عبد الرحمن السعدي في تفسيره).

فالحجاب قبل كل شيء طاعة لله تعالى، ولكي تحفظ الفتاة على جسدها من أن تناله النظرات المريبة، ولكم استوقفني طلب المرأة السوداء التي كانت تصرع، فطلبت من رسول الله أن يدعو لها، فقال: «إن شئتِ صبرتِ ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله أن يعافيكِ»، فقالت: "اصبر، ولكني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف"، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم» والحديث متفق عليه.

وصدق من قال: لله درُّها لقد أقلقها تكشفها وقت صرعها وحال عذرها، فما بال صحيحات الأبدان اليوم؟

2) ألاَّ يشبه الحجاب لباس الكافرات:

فرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «من تشبَّه بقوم فهو منهم» (أخرجه أحمد وأبو داود بسند صحيح).

3) أن يكون الحجاب فضفاضاً واسعاً غير ضيّق فلا يُجَسِّم ولا يُكَسِّم:

عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، ففال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك لم تلبس القبطية؟»، قلت: "يا رسول الله، كسوتها امرأتي"، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها» (أخرجه أحمد والبيهقي، وقال الذهبي: إسناده صالح، وحسَّنه الألباني).

ففي هذا الحديث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تجعل المرأة تحت القبطية غلالة -وهي شعار يلبس تحت الثوب- ليمنع وصف بدنها والأمر يفيد الوجوب كما هو معلوم عند الأصوليين.

وعن هشام بن عروة رحمه الله أن المنذر ابن الزبير قدِم من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مروية وقوهيَة رقاق عِتاق بعد ما كف بصرها فلمستها بيدها ثم قالت: "أفٍّ ردوا عليه كسوته"، فشق ذلك عليه وقال: "يا أمه إنه لا يشف"، قالت: "إنها إن لم تشف فإنها تصف" (رواه ابن سعد وصحَّحه الألباني).

وتأمّلي معي يا أخت الإسلام هذا المثال العظيم الذي ضربت فيه المرأة المسلمة أروع الأمثلة في العفَّة والستر، فلقد قالت فاطمة الزهراء لخالتها أسماء: "يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع النساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها"، فقالت أسماء: "يا ابنة رسول الله ألا أريكِ شيئا رأيته بالحبشة؟"، فدعت بجرائد رطبة، فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فاستحسنته فاطمة وأوصت به إن هي ماتت" (قال عنه الذهبي: إسناده حسن).

فكيف لو رأت بنت رسول الله ما أحدثته النساء اللاتي يعدون في زمرة الأحياء اليوم؟!

4) أن لا يَشِفَّ عمَّا تحته:

جاء في الحديث: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد:.....، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»(أخرجه الإمام مسلم في صحيحه).

قال ابن عبد البر رحمه الله: "أراد صلى الله عليه وسلم من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة".

وذكر القرطبي في تفسيره أنَّه دخلت نسوة من بني تميم على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت عائشة: "إن كنتن مؤمنات، فليس هذا بثياب المؤمنات"، وأدخلت عليها عروس عليها خمار رقيق، شفاف فقالت: "لم تؤمن بسورة النور امرأة تلبس هذا" (ذكره القرطبي في التفسير).

قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ نَهَى النِّسَاءَ أَنْ يَلْبَسْنَ الْقَبَاطِيَّ -جمع قبطية وهو ثوب مصري رقيق أبيض-، قَالَ: "وَإِنْ كَانَتْ لَا تَشِفُّ فَإِنَّهَا تَصِفُ"، قَالَ مَالِكٌ: "مَعْنَى تَصِفُ أَيْ تَلْصَقُ بِالْجِلْدِ".

5) ألا يكون معطراً:

يروي الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فهي كذا وكذا» يعني: زانية (أخرجه النسائي والترمذي، وقال الترمذي: حسن صحيح).

وعن زينب الثقفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً»(أخرجه مسلم).

6) ألاَّ يكون الحجاب زينة بذاته كأن يكون مزخرفاً ومزكشاً ومثيراً للانتباه.

فإظهار المرأة للزينة لغير محارمها حرام عليها، لأنَّها بذلك تكون متبرجة، ولأنَّها تفتن قلوب الرجال بزينتها ولباسها الفتَّان، والله تعالى يقول في ذلك قولاً فصلاً: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ....} [النور من الآية:31]، ثمّ ذكر الله تعالى الأصناف الجائز إبداء المرأة زينتها أمامهم من محارمها.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال جاءت أميمة بنت رقيقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: «أُبايعكِ على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدكِ ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديكِ ورجليكِ ولا تنوحي ولا تبرّجي تبرّج الجاهلية الأولى» (رواه أحمد والنسائي وصحّحه أحمد شاكر وصحّحه الألباني).

ومع هذا فلا يعني حينما نقول بعدم جواز أن يكون الحجاب زينة، بأن يكون معنى ما نقصده أن تلبس الفتاة حجاباً متسخاً أو قديماً، فليس هذا مراداً لدينا قطعاً؛ فلتلبس الفتاة جلباباً نظيفاً ساتراً، فدين الإسلام يحث على النظافة وحسن الهيئة، ولكن شرط ألا تتبرج الفتاة بزينة في جلبابها أو يكون جلبابها بنفسه زينة من كثرة الزركشة والألوان المثيرة للانتباه.

7) أن لا يُشبِه لباس الرجال:

ممَّا جاء في سنَّة سيد المرسلين النهي عن تشبه النساء بالرجال أو الرجال بالنساء ففي الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» (أخرجه البخاري)، وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله الرجل يلبس لبسة المراة والمراة تلبس لبسة الرجل» (أخرجه أبو داود وصحَّحه جماعة من أهل العلم).

8) أن لا يكون لباس شهرة:

وقد ورد في خصوص لباس الشهرة أحاديث منها حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي وحسنه ابن حجر، والألباني، والأرناؤوط).

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "يحرم لبس الشهرة، وهو مَا قَصَدَ به الارتفاع، وإِظهار التَّرَفُّعَ، أَو إِظهار التواضع والزهد، لكراهة السلف لذلك".

هذا هو مفهوم الحجاب الشرعي الكامل، واعلمي يا أختاه أنَّ كثيراً من الملابس التي تسمَّى حجاباً هي في حقيقة الأمر ليست إلاَّ زينة وتبرجاً، فلتحذري يا أخت الإسلام من الحجاب الذي يوقعكِ في غضب الجبَّار عليكِ، عافاني الله وإياكِ من غضبه سبحانه وتعالى.

تحية صادقة إلى القابضات على الجمر:

بُشرى لكنَّ من الله مع عباد الله الثابتين على الحق ، حيث يقول الله تبارك وتعالى:{إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:35].


يا بنت عائشَ يا أختاً لفاطمة *** ذكرتنا عز عصرٍ غاب وانصرما
أحييت في داخلي عرقاً أحِسُ به *** لولاك أجْزِمُ أن العرق ما سلما
لله دركِ في عصر تعجُّ به *** مفاتن تأسـرُ الألبابَ والحُلُمَا

يا من حملتِ كتاب الله في زمن *** تغزو الأغاني به الأشراف والخدما
إليكِ مني كُليمَاتٍ أسطرها *** وربّ حامِلِ فهْم للذي فَهِـَا

إلى الأخت المتحجِّبة، التي لم يزدها فساد الكثير من الفتيات إلا ثباتاً ورسوخاً كالطود الشامخ...

إلى الأخت الفاضلة الجميلة بحيائها، المريدة لرضا ربها، التي ما بدَّلت ولا غيَّرت طوال أربع سنين في الجامعة...

إلى سيدة النساء، وملكة جمال الأدب والحياء...

إلى الأخت المتحضِّرة المتقدمة في زمن الرجعيَّة إلى العري والفساد كما كانت نساء الجاهلية...

أقول لكنَّ: جزاكن الله خيراً على ثباتكن، وهنيئاً لكنَّ الثبات في زمن الغربة، والاصطفاف مع الحق وأهل الحق، فأنتنَّ شموس الجامعة الحقيقيات، وأنتنَّ اللواتي اقتديتنَّ بنساء الصحابة الفاضلات، وأنتن اللواتي تجددن ما كان في عصر الصحابيات من الحياء والعفة والخلق الحميد، وأنتنَّ اللواتي لا تركنَّ إلى قول الشباب المعسول، فلا يغرركن المظهر، ولا يعجزكن فهم المخبر، فبدينكن وتقاكن فهمتنَّ الجوهر... ولسان حال كل واحدة منكنَّ للشباب الفاسد المعاكس:


إليك عني إليك عني *** فلست منك ولست مني

إلا إنَّما سعادتكن بثباتكن...

ألا أنَّ الله تعالى سيعلي لكنَّ درجاتكن...

فمزيداً من الصمود والثبات..


أختاه يا من ترتدي جلبابها *** مختارة من خيفة الرحمن
أختاه أنت البدر في غسق الدجى *** أختاه أنت عدوَّة الطغيان

أختاه سيري وفق نهج محمد *** كي تظفري بمراتب الإحسان
أختاه سيري لا تليني للعدا*** فالحق منصور مدى الأزمان

أختاه إن الشمس في كبد السما *** تعطي أشعتها بلا استئذان
فالشمس أنت وهل يضيرك أنها *** قد أنكرت من سذَّج عميان

يا أخت الإيمان..

إنَّ عليكِ واجب أخذه عليكِ رسول الهدى والسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم... إنَّ عليكِ أن تجتهدي في إخراج هؤلاء النساء والفتيات المتبرجات من غفلتهنَّ، فإنَّ هذا دور الفتاة الداعية إلى الله، أن تقوم بواجبها تجاه بنات جنسها، فإنَّ دعوة النساء بعضهن لبعض أقوى وأنفع وأتقى للقلوب من دعوة الرجال لهنَّ، فأين دوركنَّ في دعوة الفتيات في الجامعات؟ وأين محادثتكن لهنَّ؟ وأين تأثيركنَّ عليهنَّ؟ وأين المسؤولية الفرديَّة الدعويَّة التي ستسألون بها أمام ربكنَّ؟!

ألا من هبَّة لله، وعزمة أبيَّة تُعدن فيها أحاديث رسول الله، وسراج هادي من كتاب الله تتلونه عليهنَّ، ومنار الهدى من حديث من جاء بخير الهدي محمد بن عبد الله تعلمن به بنات جنسكنَّ...

إنَّ الواجب الدعوي عليكنَّ خطير، فقد ثبت في الحديث الصحيح: «النساء شقائق الرجال» (أخرجه أبو داود وحسَّنه ابن حجر وصحّحه الشوكاني والألباني).

فما دام أنَّ الرجل ملزم بالنصيحة، وما دام أنَّ الدين النصيحة، فهذا دوركن بالنصح لله ولإماء الله من الفتيات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة»، قيل: "لمن يا رسول الله؟"، قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (أخرجه مسلم في صحيحه).

وقال جرير بن عبد الله البجلي أحد الصحابة رضي الله عنهم: "بايعتُ النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم" (أخرجه البخاري في صحيحه).

وطوبى لكنَّ وهنيئاً بهذه الهدية التي يهديها لكنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين قال: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم» (أخرجه مسلم).

وقوله عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا يُنقَصُ من أجورهم شيئاً» (أخرجه مسلم).


يا درة في سماء العز لامعة *** إن البغاة لفسّاق وفجَّار
هلمي فنصرة دين الله تجمعنا *** ولو لاقينا الذي لاقاه عمَّار

وسلام الله على كل فتاة صادقة بإيمانها ومعتزَّة بحجابها ونقابها...

وسلام كذلك إلى الفتاة التي ستبدأ تُراجع نفسها وتؤوب إلى ربها وتعود لحظيرة دينها...

سلام الله عليكنَّ ورحمته وبركاته

خباب الحمد


0 التعليقات:

إرسال تعليق